شاءت الاقدار ان يكون أعز أصقائى حين كنت فى المرحلة الابتدائية مسيحياً , ولازلت اذكر إسمه حتى الان رغم التباعد الذى فرضته علينا ظروف الحياة والسكن والعمل والسفر , ألا وهو الصديق : لطفى موسى دميان , كنا لا نفترق إلا وقت النوم , ظلت صداقتنا طوال سنوات المرحلة الابتدائية وامتدت إلى المرحلة الاعدادية , أذكر اننى ذهبت معه للدير ذات يوم وأمضينا نهار ذاك اليوم بالدير رغم علم القساوسة والاخوان المسيحيون باننى مسلم.
وأذكر ان لطفى كان ينتظرنى كل يوم جمعة امام المسجد حتى تنتهى صلاة الجمعة وأخرج لألعب معه الكرة الشراب فى أحد شوارع مدينتنا الصغيرة – بالرغم من عدم إجادتى للعب الكرة - .
لم يسألنى يوما عن ديانتى ,ولم يتحدث معى فى موضوع متعلق بديانتى يوم ما , وكذلك أنا ما سألته قط فى ذلك الشأن ولم يخطر على بال أحدنا أن يسأل الأخر, رغم علمى بأنه ليس مسلم وهو يعلم باننى لست مسيحياً. أذكر بانه كانت هناك حصة دين مشترك فى المدارس الابتدائية , يحضرها المسلم والمسيحى معاً على السواء.
وكان لنا جار طيب , لطيف , حرمه الله نعمة الانجاب , ولعل ذلك كان السبب فى حبه لاطفال الحى ومداعبته لهم , كانت تربطنى علاقة صداقة بجارنا الطيب , اللطيف هذا : العم أمـين , ربما لاننا كنا جيران وأنا كنت طفل هادىء الطباع . أو ربما لانه كان يعطف علىّ او ربما الكل معاً.
ذات يوم وكنت ذاهب الى الكُـتاب لتلقى دروس فى تعليم القرأن الكريم وقابلنى العم أمـين
وسألنى : رايح فين يامحمد ؟.
فأجابته : رايح الكُـتاب بس أنا خايف عشان ما حفظتش القرأن والشيخ هايضربنى.
فقــــال : تستاهل , كان المفروض تحفظ اللى قال لك عليه الشيخ بدل من لعبك فى الشارع مع العيال.
وفى المساء , فى وقت صلاة المغرب وكان صوت الأذان يغطى كل أرجاء المدينة قابلت العم أمـين أثناء ذهابى الى البيت بعد إنتهاء درس تحفيظ القران فى الكُـتاب
فســــألته : رايح فين ياعم أمين , رايح تصلى المغــرِب ؟.
فقـــال ضاحــكا ً: لا يا محمد أنا ما بصليش فى الجامع , روح انت صلى.
فسـألته وبتعجب: ما بتصليش فى الجامع !!! ليه ؟.
فقـــــــــــــــــال: عشان أنا مسيحى أنا بصلى فى حته تانية.
: مسيحى !!!!! ياعنى ايه مسيحى ؟.
فضحك العم أمين وقال لى بعدين يامحمد , بعدين.
لم يخطر ببالى أنا الطفل ذو السابعة أعوام أو نحوها , ان العم أمين مسيحى , وما كنت أعرف ماذا يعنى أنه مسيحى ... ببساطة لان ذلك لم يكن بالموضوع الذى يشغل أى حديث بين الناس بعضهم البعض ذاك الوقت .
كنا نتبادل الزيارات فى الاعياد , وأذكر أننى سمعت ذات يوم جارتنا تريزة وهى تقول لأمى بأنها صايمة صيام المسلمين وانها دعتنا لحضور اكليل زواج أختها الصغرى بعد عيد المسلمين.
وبعد رحلة الحياة الطويلة شاءت الأقدار أن يكون من بين أساتذتى فى مرحلة الدراسات العليا أستاذين جليلين وصديقين فى ذات الوقت - مسيحيين - ألا وهما استاذى وصديقى الاستاذ الدكتور/ نبيل راغب المستشار الثقافى السابق للرئيس الراحل السادات وأستاذ النقد بالمعهد العالى للنقد الفنى.
وأستاذى وصديقى الاستاذ الدكتور/ ناجى فوزى أستاذ السينما بالمعهد العالى للنقد الفنى. وأعترف بما لهما من فضل على شخصى المتواضع بجانب كل من درّس لى وساهم فى تعليمى.
إليكم جميعاً عزائى ومواساتى فى مصيبتنا جميعا نحن المصريين وعزائى لاسر كل اخوانى المسيحين الذين راحوا ضحية الاعتداء الإرهابى الغادر الغاشم على كنيسة القدسين بالاسكندرية فى 31 ديسمبر 2010.
No comments:
Post a Comment