أثناء الحرب الباردة والتى كانت بين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتى ( سابقاً ). سعت الولايات المتحدة الامريكية لزرع القلاقل ومحاربة النفوذ السوفيتى فى منطقة شمال أوروبا والشرق الأوسط بما فيها منطقة جنوب ووسط أسيا , لاهداف كثيرة وعديدة لا مجال هنا لذكرها الأن , المهم, فان المناخ الاخصب لهذا الهدف كــان أفغانستان بحكم انها بلد إسلامى محتل من قبل الاتحاد السوفيتى ويتبع الشيوعية - ذاك الوقت - وهناك مفهوم لدى أغلب المسلمين أن الروس والشيوعيين كـفار.
بدأت أمريكيا من خلال وكالة المخابرات المركزية الامريكية فى تغذية هذا الفكر لدى الاسلاميين المتشددين مستغلة بذلك صحوة التيار الاسلامى فى ذاك الوقت خاصة فى بعض الدول العربية والصراعات الدائرة بين تلك التيارات الاسلامية والانظمة العربية الحاكمة وبالاخص فى مصر والتى كان لها الدور الاساسى فى إنجاح دور المخابرات المركزية الامريكية والذى تمثل فى جلب وتجنيد وتدريب متطوعين إسلاميين لمحاربة وقتال الروس على الاراضى الافغانية مستعينة فى ذلك بسياسة السادات تجاه التيار الشيوعى , المركسى , الاشتراكى فى الجامعات المصرية فى حقبة السبعينات , حيث سُمح للتيار الدينى الاسلامى بمماسة دور سياسى داخل الجامعة - وهذا كان ممنوعاً من قبل - لاجهاض التيار الشيوعى الذى فشلت الحكومة فى إجهاضه وقت ذاك .
ونجح الامريكان من خلال المتطوعين الاسلاميين المتشددين – الذين حاربوا الروس نيابةً عن الامريكان- فى الانتصار وإخراج الروس من الاراضى الافغانية واسقاط الحكومة الافغانية المواليه للروس , والذى بدوره أحدث تغيرات جوهرية فى خريطة أوربا والشرق الأوسط فيما بعد , ولكن بعد أن غذت ورسخت الفكر الاسلامى المتشدد لدى هؤلاء المتطوعين الاسلامين وخاصة العرب منهم فأصبح الفكر لديهم هو أن كل غير المسلمين كفـار . ولم يقتصر الأمر على الروس والشيوعيون فحسب بل شمل كل الغرب الغير مسلم أضف لذلك كل الانظمة العربية التى لا تطبق الشريعة الاسلامية فى بلادها.
ساعد ذلك الانتصار - على الروس فى افغانستان - الاسلاميون المتشددون وليس فقط المتطوعون العرب الافغان - كما كان يطلق عليهم - على الشعور بانهم صاروا قوة لايستهان بها ويمكنهم تغيير الخريطة السياسية للعالم داعمهم فى ذلك ما حصلوا عليه من تدريبات عسكرية على يدى الأمريكان وسلاح وعقيدتهم المتعصبة وكراهتهم للأنظمة العربية الحاكمة ,التى ضيقت عليهم الخناق فى ممارسة دورهم الدينى والسياسى فى مجتمتعاتهم والزج بمعظمهم فى سجون الإعتقال لسنوات , الأمر الذى وصل لخوف بعض المواطنون العاديون من إطلاق لحيتهم , خوفاً من إتهامهم بانهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين أو لإحدى الجماعات الإسلامية المشابهة - أى صار الإسلام والتدين فى قاموس تلك الأنظمة بتهمه , وبذلك بدأت مشاكلهم مع الانظمة العربية , وبدأت مرحلة أخرى لتلك الجماعات التى تشكلت فيما بعد باسماء مختلفة بهدف الجهاد وان كان تعريفهم للجهاد , تعريف خاطىء ولكن يمكننى القول هو جهاد من يخالف فكرهم سواء كان مسلم أو غير مسلم.
وكانت النتيجة بشعة بكل المقاييس . فأول من إحترق بنيران هؤلاء الاسلاميين المتشدين الذين هم بعيدين كل البعد عن الاسلام : هم الامريكان أنفسهم الذين أسسوا وغذوا وصنعوا هذه الجماعات المتطرفة والتى كان رائدها الأول تنظيم القاعدة , يليهم الأنظمة العربية الذين ساهمت فى تشجيع هؤلاء المتطوعين الاسلاميين للتطوع فى أفغانستان لإرضاء وإنجاح المخطط الامريكى ضد الروس ومن ناحية أخرى قد يُكتب لهم الموت هناك وترتاح منهم تلك الانظمة.
مخطط وصناعة رديئة ساعد فيها أطراف عديدة ومن هنا بدأت بذور الإرهاب الذى أصبح ظاهرة عالمية. لا أريد التحدث عن العمليات الإرهابية التى حدثت وألمّت بالجميع فى مشارق الارض ومغاربها سواء فى أمريكا أو أوروبا أو أسيا أو إفريقيا فالجميع يعرفها والتاريخ وثقها , وحتى لا أدمى القلوب بذكريات مؤلمة عانوا منها فى الماضى . ولكن كل ما أود أن أقوله وأوكده لهؤلاء المتعصبون , المتشددون هو ; أن الخاسر الأكبر جراء أعمالهم هذه هو الإسلام والمسلمون فى مشارق الأرض ومغاربها.
No comments:
Post a Comment