Friday, 14 January 2011

شكـــــراً زين العابديـن




إذا الشعبُ يوماً أرادَ الحياة
فـــلا بد أن يستجــيب القـدر
ولابد لليــــــل أن ينجــــلى
ولابد للقـــيد أن ينكســــــر
ومن لم يعانقه شوق الحياة
تبخـــر فى جــوها وإندثــــر 

        
       قالهـــــا من قبـل الشـــاعر التونســـى العـظيـــــــم : أبـو القـاســم الشــــابـى .
ولكننا اليوم نقول :  إذا الشعب يوماً أراد الحياة .... فلابد أن يستجيب الطغاة .
شكراً تونس , شكراُ زين العابدين ...... وليسجل التاريخ أنه فى مساء يوم الجمعة الرابع عشر من يناير عام 2011 , بفراره , قد تنازل الرئيس التونسى " زين العابدين بن على " عن الحكم والذى مكث فيه ثلاثة وعشرون عاماً ونيف ( من 7 نوفمبر1987 إلى 14 يناير2011) .
 ترك الرئيس التونسى زين العابدين بن على  السلطة وفر إلى خارج البلاد نزولاً على رغبة الشعب التونسى الذى رفضه ورفض معه كل أشكال الديكتاتورية . فر زين العابدين إلى الخارج بعد عصيان مدنى ومظاهرات  دامت لأكثر من شهر( منذ 18 ديسمبر 2010 ) وعمت كل مدن وقرى تونس الخضراء , مظاهرات واجهت فيها الشرطة الشعب وقتلوا أكثر من خمسة وعشرين من المتظاهرين , بجانب إعتقالات تمت لقادة المظاهرات ولنشطاء سياسيين , مظاهرات كان شرارتها الأولى محمد البوعزيزى , الشاب التونسى  الذى أشعل النار بنفسه إحتجاجاً على إهانته من قبل شرطية لتنفجر بعدها نيران الغضب المكتومة والحبيسة من سنين.

 نصبت الشرطة قناصيها فوق أسطح المبانى لإقتناص المتظاهرين ببنادقهم ولكنهم فشلوا فى فض العصيان المدنى . تدخل الجيش ولكنه أيضاً فشل . كانت إرادة الشعب  أقوى من أى مواجهه معه.

أدرك زين العابدين أن هذه المرة ليست كسابقتها من المرات التى نجح فيها رجالة بإسكات أصوات معارضيه وعزلهم فى سجون نظامه الديكتاتورى . أدرك زين العابدين بان هذه المره مختلفه , فهو عصيان مدنى عام وشامل . أدرك ماذا يريد التونسيون منه . أدرك أن اللعبه قد أنتهت وذكر ذلك صراحةً فى أخر خطاباته للشعب التونسى فقد قال : لقد أدركت وفهمت ماذا يريد التونسيين .
وكان قرار زين العابدين فى النهاية بالفرار إلى الخارج مع أسرته مع ضمانات من الأمريكان والفرنسيين بعدم التعرض له ولأسرته.
وأغلب الظن أن فرنسا سترفض إستضافته لحفاظها على دورها القيادى فى المجموعة الفرانكوفونية من ناحية ولعدم إغضاب وإستثارة المعارضة التونسية التى تتخذ من فرنسا مركزاً وقاعدة لها  , من ناحية أخرى , كذلك الدول الغربية لن تسمح له بدخول أراضيها , لعدم إغضاب أمريكا التى ستستثمر هذه الإنتفاضه فى باقى دول الشرق الأوسط وخاصة العربية منها.
إذن لا مكان لزين العابدين إلا فى دول الخليج العربى - إذا وافقت إحداها على إستضافته -  وهذا هو السيناريو الأقرب للموقف الراهن .

فبالرغم من إعجابى بالشعب التونسى وإصراره البطولى , الذى أعطى به المثل لكل شعوب المنطقة وأنظمتها الحاكـمة  , وأرى فى ثورته هذه جرس إنذار لباقى الأنظمة الديكتاتورية ودافع وحافز لباقى شعوب المنطقة وخاصة الأشقاء فيها . فبالرغم من إعجابى وتقديرى لتضحيات ذلك الشعب العظيم الذى كسر قلاع الديكتاتورية بمعاول إصراره , إلا أننى أقدر لزين العابدين قراره بالفرار. فقد أنقذ زين العابدين نفسه وأنقذ بلدٍ كانت على وشك أنت تلتهم نيران الغضب الشعبى فيها  كل أخضر ويابس .
فهـِم زين العابدين ماذا يريد التونسيين , وإستجاب لهم . نعم لقد فهم متأخر جداً , وهذه ثمة كل ديكتاتور , ولكنه فهـِم , حتى ولو كان ذلك الفهـم أتى متأخر .
كان بإمكان زين العابدين المكابرة والغطرسة والتمسك بالحكم حتى يفاجأ بعاقبة لم يحسب لها حساب , لكنه من وجهة نظرى فهو ديكتاتور ذكى أدرك ان اللعبة لم تعد فى صالحه الأن بالمرة وأنها قد إنتهت وللأبد , فقرر الفرار . لم يفعلها صدام حسين , ولم يفعلها شاوسيسكو , ولم يفعلها مانويل نورييغا- ديكتاتور بنما السابق -  ولم يفعلها الجنرال فرانكو - ديكتاتور أسبانيا السابق -  الذى ظل متمسكا بالحكم والسلطة , رغم معاناته اليوميه من مرض لازمه لأكثر من خمسة عشر عاماً وقد أخفى ذلك عن شعبه متمسكاً بالسلطة , لكن نهايته كانت مأساوية فى إحدى مستشفيات أسبانيا , ولم يفعلها شاه إيران ,  وغيرهم  الكثيرون . لذلك كانت نهايتهم مؤلمة ومفجعة  , ليس فقط لشخصهم ولكن لبلدانهم أيضاً , فأنظر ماذا حدث للعراق ولرومانيا ولإيران حتى السودان اليوم الذى رضى حكامه بتجزءته الى دولتان فى مقابل إستمرارهم فى الحكم.

كل هؤلاء لم يفعلوا ما فعله زين العابدين الذى أنقذ نفسه وأسرته  وأنقذ بلاده أيضاً من حرب أهلية وفوضى ودمار , كان معد له فى خطواتٍ تاليه للعصيان , فهل سيفعلها  الدكتاتوريين الباقين قريباً !!, نحن لمنتظرون .
فشـــــكـراً لتـونس على الإسـتفـــاقـة , وشــــــكـرأ لزيـن العـابديــن على فـراره  فقد كان فى فراره حقناً لمزيد من دماء التونسيين ولعل باقى الطغاة يتخذون من فراره مثلاً وقدوة يحتذى بها , حين تهب عليهم عاصفة التغيير ورياح الإرادة الشعبية ..














No comments:

Post a Comment