Thursday, 7 April 2011

حـــتى لا تتـأكـــل الثــورة





لاشك أن ثورة 25 يناير 2011 قد حققت الكثير وأكثر مما كنا نتوقع أو نتعشم , ولا شك أن ظروف عديدة منها من كان بـإرادة بشـرية مصرية ومنها من كان بـإرادة خـفية متمثلة فى توفيق الله وإرادتــه ورغـبته  فى إنهاء ذلك النظـــــام الفاسـد وإنجــــاح الثـورة  , نصرةً للحق وللمظلومين على مدار عقود طالت بأكثر من ثلاثة , عندما أعمى بصيرة وقلوب وعـقول القيادات الأمنية الحارسة لذلك النظام والغـرور الذى أفقدهم حسن التقدير والإستهانة بما سيحدث فى 25 ينــــاير بالرغم من علمهم المسبق به حتى صُدموا وفـقدوا صوابهم من هول المفاجــــــأة التى ما كانـوا يتوقعـــونها , متمسكين برأيهـم ومصـدقين أنفســهم  بأن مصر ليست تونس  و.... و......!.

 ولا شك أن الثورة باغــتت كل أجهزة الإستخبارات فى العالم بما فيها الأمريكية والروسية والبريطانية والموساد الإسرائيلى وكذلك الإستخبارات المصرية , فما تنبأ بها أحد على الإطلاق , حتى الذين دعـوا لها ما كـانوا يتخــيلونها بأنها ستحدث بتلك الصـورة ولا بهذه الأعـداد المليــونية الغـفــيرة ولا كـانوا يطمعـون فى 10% مما حقـقته ثــورتهم المبــــــاركة.

ولا شـك بأن الثورة كانت على حافة السـقوط فـى أيـامهـا الأولــى لولا تدخل بعض التنظيمات السـياسية , الشعبية لمساندتها ودعمها وإستنهاضها قبل السقوط بعد أن حشدت لها الأعداد الغـفيرة المنظمـة , وصرنا نرى الأعلام المصرية واللافتات المنمقـة  والندوات والمهرجانات الخطبية والشعبية والثقافية وأيضاً إذاعة للثورة , وأصبحنا نرى شكـلاً جديداً منظماً للثــــورة , مختلف تمــاماً عن شكلها فى أيامها الأولــى.

ولا شك فى أن إحتضان الجيـــش المصـــرى للثــورة منذ اللحظات الأولى لإندلاعهــا قد ســاهم على إســـقاط النظـــــام الســـابق وعلى نجــــاح الثــورة فى ذات الوقـت .

ولا شك أيضاً كما أن هناك ملايين المصريين الذين يناصرون الثورة , هناك أيضاً من يقف لها بالمرصاد ويريد إســقاطها كما أســقطت الثــورة مصالحهم التى كانت مرتبطة بوجــود النظــــام الســـــابق.

وللأسف فأن هذه الفئة لها نفوذها المالى وعلاقتها الدوليــــة  وبـقـايا من نفوذهـا الســـياسى , وتشهد الأيــام السابقة على المحاولات العديدة لتلك الفئة فى محاربة الثورة  وإشـــاعة الفوضـى والإنفلات الأمنى  فى الشارع المصرى والذى مازالت أثــــــاره موجــودة حتى الأن .
ومحاولات إنقلابات بهدف إرجاع مبارك ونظامه السابق للحكم مرة أخرى , لولا يقظة المجلس العسكرى والتصدى لهذه المحاولات , كذلك الضغوط السياسية التى تعرض لها المجلس العسكرى من بعض حكــام هددوا بسحب إســتثماراتهم من مصر وطرد العماله المصرية لديهم إذا ما قـدِم المجلس العســــكرى على محــــــاكمة مبــــــارك وأســــــرته  وأخـرون عرضوا مساعدات إقتصادية لمصـر للغــــرض نفســه.

فالمجلس العسكرى بلا شك فى حرج شديد ما بين إحترامه للأقدمية العسكرية – وهى عُـرف عسكرى فى العقيدة العسكرية المصرية – وبين التعامل مع الرئيس المخلوع مبارك بصفة جنائية وما بين مسئولية الإستقرار الداخلى  وحماية الوطن وحماية حدوده من أى عدوان خارجى – وهذه هى المهمة الأساسية للجــيش – وأيضـاً فـى التعامل مع الكـم الهـائل من قضـــايا الفســـاد الخـاصة برموز النظـــــام الســـابق والمنتفعــين من وراءه  والـتى قـد تكــــون أثر من 5000 حالة فســاد ســياسى وتربــح بإسـتغـلال السـلطة.
الأمر الذى دفع عملية الإصلاح الى البطىء الشديد الذى لا يرضى كثير من المصـــريين إن لم يكن معظمهم  , والتخــوف من التأمر على الثــــورة والإلتفــاف عليهــا وعلى مطـالبها .

والسؤال الأن هو لماذا لم  يتحـــرر المجلس العسكرى عن هذا الحرج – الذى نعيه جيدا – وأن يشكل محكمة للثـــورة , وتختص هذه المحكمة بالنظر فى قضايا الفساد المالى والسياسى والمدنى و.... و...... وكل أشــــكال الفســاد المرتبطـــة بالنظــــام الســابق ورمـوزة وأعــوانه ؟

أمــا الإجــــابة عن السؤال لماذا لم يتم محاكمة مبارك حتى الأن ؟ بأنه لم تثبت التحقيقات إدانته فى فساد مالى أو تربح غير مشروع  حتى الأن ..هذه  إجــابة باهـتة , ليس لها معنى وسنترك هذا للتحقيقات لأننا نثق فى قضاءنا المصرى وحـتى لوكان مبـــارك نزيهاً مالياً ولم تثبت ضده أى إدانه بهذا الشــأن - رغــم شـكنا فى ذلك - فـهل مبــارك برىء من الفســـاد الســـياسى وإسـتغلاله هــو وأفـراد أسـرته وحـاشيته والمقـــربين منه  للسـلطة ؟ أليـس رئيس الدولة مســئولاً مســئولية مباشـرة - بحكــم موقعـه السـياسى على رأس الدولـة - عـن قتل أكثر من 500 متظاهـر وإصابة أكثر مـن ألف - أياً كانت الأعداد -  ؟ إن كانت الإجابة هى نفس الإجابة السابقة , إذن لماذا قامت الثورة وكيف تمكنت الثورة من إســقاطة وإســقاط  نظـــامة ؟

ياســــــادة , يجب علينا أن نتعامل مع الوضع الحالى بأنه وضع ما بعد الثورة , فما حدث كان ثورة فرضت نفسها على الجميع وفرضت إحترامها على الجــميع بما فى ذلك أمريكا التى قال قادتها  عن الثورة " علينا أن نـُدّرس ثورة 25  يناير المــصــرية لأولادنا فى مدارسنا " . وبريطانيا التى تبنى أهلها شعارات الثورة المصرية فى إحدى مظاهــــراتهم وغيرهم الكـــثير, تلك الثورة التى أعادت لمصر والعرب وجههم الحضارى الجميل , المشرّف و المحــترم أمام عيون العالم والتى بالتأكيد ستغير من الخريطة السياسية العالمية ومن اللعبة السياسية برمتهـــا , خاصة فى زمنا القــادم  .

إن وجـود مبارك وأســرته فى شـــرم الشــيخ دون محاكمة حتى الأن , أمر يثير الشــك , ويثير القلاقــل أيضاً , فإن وجوده بشــرم الشـــيخ يدعم ويقوى أعوانه , أعداء الثـــورة الذين يجــدون فى بقــائه هنــاك دافــع لثورتهم المضــادة أمـلاً فى النجـــــاح وإجهـــاد الثورة بل والإجهـــاز عليهــــا وتأكــــلها .

ربمــــا يكـون المجـلس العســكرى ينتظــــر قضــاء الله بأن يتوفــى مبــارك ويُخــرجه من هذه الأزمة وهذا الحــرج , ولكـــن أود أن أقـــول لهــم ونحــن نثق فى إخلاصـهم , إن الله وحده هو صاحب القرار فى إنهـاء حياة الفــرد , فـلا أحد يعـلم متى سيتوفى مبـارك , إلا الله وحده .  لكـــن الشعب وحده هو صـاحب قرارات مصـــيره بدعــم وتوفيـــــق من الله عـز وجـل . وان الله مع المخـلصين , جعــلكم الله ســـيف عــدله فى أرضـه – أرض الكنـــــانة – مصـــر .














No comments:

Post a Comment